تعددية الأطراف / 多边主义

نبذة موجزة
في سياق الأمم المتحدة، يتم تعريف “تعددية الأطراف” بشكلٍ عام على أنها تفاعل دبلوماسي منسق من قِبِل ثلاث دول أو أكثر (أو غيرها من الجهات الفاعلة) يتم تنفيذه في إطار المنظمات الدولية ووفقًا لقواعدها. يُستخدم مفهوم “تعددية الأطراف” غالبًا كمرادف “للنظام متعدد الأطراف”، وهو يشير في الأساس إلى النظام الذي تطور بعد الحرب العالمية الثانية ليتألف من منظمات مثل الأمم المتحدة، ومنظمة حلف شمال الأطلسي، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي. وعلى هذا النحو، تشكل “تعددية الأطراف” مصدرًا للقواعد والمعايير الخاصة بالتعاون الدولي (مثل جدول أعمال أهداف التنمية المستدامة (SDG) لعام 2030 واتفاق باريس بشأن المناخ)، في حين يصف “النظام متعدد الأطراف” في جوهره النظام العالمي بالليبرالي.
كثيرًا ما تبرز الحكومة الصينية، لا سيما في اتصالاتها باللغة الإنجليزية، التزام الصين بـ “تعددية الأطراف”، مستشهدة بمبادرة الحزام والطريق (BRI) كمثال وتذكر أن “أكثر من 160 دولة ومنظمة دولية قد وقّعت وثائق تعاون تتعلق بمبادرة الحزام والطريق مع الصين”.[1] لكن داخليًا، يصف قادة الصين النظام متعدد الأطراف القائم على القواعد الحالي بأنه ليس “عادلاً ومنصفًا”، بل أنه “يحمي المصالح الضيقة لمجموعةٍ معينة”.[2] ويتم تقديم مبادرة الحزام والطريق كبديلٍ يقوم على “التشاور المشترك” على أساس “تعددية الأطراف ذات الخصائص الصينية”، حيث لا يعتمد التفاعل مع البلدان الأخرى على قواعد ملزمة عالميًا للتعاون الدولي، وإنما على اتفاقيات ثنائية. ومن ثم، فإن رؤية الصين لتعددية الأطراف هي “تعددية ثنائية”.
التحليل
بعد توليه السلطة في عام 2013، بدأ الرئيس تشي جين بينغ تحولاً في السياسة الخارجية إلى “دبلوماسية القوة الكبرى” الأكثر استباقية، التي تُعد مبادرة الحزام والطريق أكثر مظاهرها وضوحًا. وكان الهدف في الأصل يتمثل في زيادة التعاون مع البلدان المجاورة، وسرعان ما تم توسيع النطاق لينتج مبادرة ذات توجه عالمي. وفي التواصل باللغة الإنجليزية، كثيرًا ما تسلط القيادة الصينية ومنافذ الحزب الشيوعي الصيني الضوء على أن الصين “بطلة تعددية الأطراف”، وأن الصين “ستلتزم بتعددية الأطراف” أو أن الصين ملتزمة “بدعم تعددية الأطراف”. وبالنسبة إلى الرئيس تشي جين بينغ، فإن هدف تعددية الأطراف يتلخص في بناء “مجتمع المستقبل المشترك للبشرية” (人类命运共同体). بناءً على ذلك، فإن تعددية الأطراف “لا ينبغي أن تسلك الطريق القديم لحماية المصالح الضيقة لمجموعةٍ معينة”.[3] وبيانها الأساسي يتلخص في أن “القواعد الدولية يجب أن تكتبها كل البلدان معًا”، ما يعني ضمنًا أن النظام متعدد الأطراف الحالي غير عادل وأن القواعد التي تحكم هذا النظام تلزم إعادة صياغتها. ووصفت وسائل الإعلام الحكومية الصينية هذا النهج بـ “Xiplomacy” (دبلوماسية على طراز تشي) .(习式外交)
في أكتوبر 2019، نُشر مقال بعنوان “استخدام فكر الرئيس تشي جين بينغ كتوجيه لتعزيز تعددية الأطراف ذات الخصائص الصينية”، من تأليف قسم تخطيط السياسة بوزارة الخارجية، في مجلة الحزب الشيوعي الصيني زو تشي شيباو
(أوقات الدراسة). ورأى أن “الشؤون الدولية يجب أن تتولاها كل البلدان من خلال التشاور، وفقًا للقواعد التي تتفق عليها كل البلدان، مع مراعاة المصالح والشواغل المشروعة لكل البلدان”.[4] إضافة إلى ذلك، تتبعت وزارة الخارجية جذور النهج الذي تبنته الصين في التعامل مع تعددية الأطراف في العصور الصينية القديمة: “فنجد في الحضارة الصينية القديمة فريق كوتشو وفريق زي هانغ يي، الأمر الذي عكس الثقافة السياسية التقليدية المتمثلة في السعي إلى تقاسم أرضٍ مشتركة
مع الحفاظ على الاختلافات واحترام المعاهدات والوفاء بالوعود والتعاون من خلال التشاور”.
عمد تشي جين بينغ في تقريره إلى مجلس الشعب الصيني الـ 19، إلى وصف رؤيته للتعددية على أنها “حوار من دون مواجهة، وشراكة من دون تحالف” (对话而不对抗、结伴而不结盟)، مشيرًا إلى أن الصين تعارض قواعد التعاون الدولي الملزمة عالميًا، لكنها ستتفاعل مع بلدان أخرى من خلال المشاورات الثنائية.[5] ومن أحدث الأمثلة على ذلك نذكر محاولة مجموعة العشرين للاتفاق على حل متعدد الأطراف من أجل تخفيف أعباء الديون التي تتكبدها البلدان الإفريقية المتضررة من جائحة كوفيد-19. فقد ذكرت الصين أنها تدعم القرارات متعددة الأطراف لمساعدة البلدان ذات الدخل المنخفض على الاستجابة بشكل مناسب للمسائل المتعلقة بمخاطر الديون وأنها جاهزة لإقامة اتصالات مع البلدان المتضررة من خلال قنوات ثنائية.[6]
[1] وكالة أنباء شينخوا، “Xi Jinping – A Champion of Multilateralism in a World of Contradictions” [“الرئيس تشي جين بينغ – بطل تعددية الأطراف في عالم التناقضات”]، وكالة أنباء شينخوا، 19 نوفمبر 2019. http://www.xinhuanet.com/english/2019-11/19/c_138567337.htm.
[2] تشيوشي، “以习近平外交思想为指引深入推进中国特色多边主义” [“استخدام فكر الرئيس تشي جين بينغ كتوجيه لتعزيز تعددية الأطراف ذات الخصائص الصينية”]، تشيوشي، 25 أكتوبر 2019، http://www.qstheory.cn/llwx/2019-10/25/c_1125151043.htm
[3] المرجع نفسه.
[4] المرجع نفسه.
[5] وكالة أنباء شينخوا “习近平提出,坚持和平发展道路,推动构建人类命运共同体” [“يقترح تشي جين بينغ: الإصرار على سلوك مسار التنمية السلمي والتشجيع على بناء مجتمع تتشارك فيه البشرية مستقبلاً واحدًا”]، وكالة أنباء شينخوا، 18 أكتوبر 2017، http://www.xinhuanet.com/politics/19cpcnc/2017-10/18/c_1121821003.htm
[6] هوانتشو وانغ، “中方是否将减免非洲最贫穷国家债务?外交部回应” [“هل ستلغي الصين ديون الدول الإفريقية الأكثر فقرًا؟ رد من وزارة الخارجية”]، هوانتشو وانغ، 7 إبريل 2020، https://world.huanqiu.com/article/3xk2j94JzGf